الأحد، 5 يناير 2020

العفو المستحب والعفو المكروه

ولقد عفوت عن المسيء لأنني


بالرغم من عمق الأسى لا أحقدُ


لكن أيام الوداد قد انتهت فينا


(وبعض الوداد لا يتجددُ)!!


بالمناسبة، نعم أعلم أنَّ [خيركم من بدأ الصلح] و [فمن عفا وأصلح فأجره على الله]، وفي نفس الوقت أعلم [العفو عند المقدرة] بمعنى: أن يكون عفوك ورضاك من أعمق ذرة بكيانك، لا يُقبل العفو السطحي؛ لماذا؟ لأنَّه مع أول عتاب أو شِجار، تشتعل شرارة الملف القديم، وسيكبر إحساسك تجاه المسيء بحقك، وستشعر أنك لا تُطيقه؛ رغم تفاهة المشكلة!


إلا أنه في الشرع (العفو التام) هو المُحبب، لكن عفو للرياء مثلاً أو للتباهي أمام الناس -انو شوفو رغم اذيته، الا انو عفا- فهذا ليس عفواً! 

هذه قلة مروءة أن تمنّ على المخطيء بحقك في شيء مضى، من المفترض أنك سامحته وعَفَوت عنه!
اختبر قلبك، وتأكد بدل المرة مئة أنك صدقاً عفوت وسامحت!


من أكبر الاخطاء الَّتي يفعلها البشر ظنّاً منهم أنهم على حق: إلحاحهم الشديد المكثف على المُساءِ إليه أن يُسامح ويعفو! 


وبعضهم يقطع الوصل ويَفْجُر في الخصام إن مااستجاب لإلحاحه في العفو والصفح!
الغصب على العفو سيُولد كراهية وحقد وتمني هلاك المُخطيء في كل مرة يسمع فيها المُساء بحقه اسم المخطيء!


بينما إن تركتوه كما يرغب؛ فإن الزمن حريُّ بِمُداواةِ هذا الجُرح، وسيهدأ غضبه، وسيقدر على التعامل بدون حقد ولا كراهية، خصوصاً عندما يتذكر أنه لم يُغصب على شيء ولم يُبادر بالعفو؛ سيشعر حينها  بالتسامح الصادق!

وبهذا نحافظ على الوصل، خصوصاً بين الأرحام!

دائماً في المشاكل فكر على المدى البعيد، مثلاً حادثة سيارة، اه اعفو فوراً، لأن من تسبب لك بِحادث هو غريب عابر، من الصعب أن تجتمع به مرة أخرى، لكن قريب لك
يظلمك/يجحد أفعالك/يتهمك بقول مالم تقوله/يُسَوِّء سُمعتك /...إلخ


فَلَنْ تقدر أن تُحافظ على هذا الوصل إن غُصبت على العفو، بالعكس، بل ستُفكر  مِراراً كيف تتهرب من رؤيته، أو سيكبر ضيقك حتى تكاد تدعي عليه، بالرغم من أنّ ضميره مرتاح لأنّك أخبرته سابقاً أنك عفوت!!
ووقتها تكون أنت الظلوم وأنت المذنب!


لكن لو عرف أنك مازلت غاضباً منه؛ سيُحاول أن يستسمحك، وقتها ستكون في [مقدرة] للعفو، قلبك سَـيَرِقُّ ويَحِنُّ، وستُسامحه صدقاً ظاهراً وباطناً، لدرجة أنك حِينما تتذكر هذه المشكلة بعد زمن ستُحوِّلها لنكتة!


[العفو عند المقدرة] قبل [خيركم من بدأ بالصلح]


[العفو الصادق=هو العفو الخالي من المَنّ والأذى]


[العفو عن المخطيء فضيلة، لذا عدم سماح المُخطيء ليس ذنباً]



مشاركة مميزة

ما الذي تفتقده البشرية يا تُرى؟