الأربعاء، 23 يناير 2013

أهميَّة القلب ...7


7-"هشاشة المُصاب"


 
قال " ابن القيِّم " :
" ولما كان البدن المريض يؤذيه ما لا يؤذي الصحيح من يسير الحر والبرد والحركة ونحو ذلك ، فكذلك القلب إذا كان فيه مرض آذاه أدنى شيء من الشبهة أو الشهوة ، حيث لا يقدر على دفعهما إذا وردا عليه ، والقلب الصحيح القوي يطرقه أضعاف ذلك وهو يدفعه بقوته وصحته " .



فمريض القلب أي نفحة هواء أو هبة تراب تصيبه في مقتل ، وأي شهوة عابرة أو زلة تتسبب في فتنته ، وأعرى فخ للشيطان يسقط فيه ، وأسهل مكيدة لعدوه يسارع إليها ، والسبب في ذلك كله ضعف قلبه وانهيار أجهزة المناعة لديه .


"السرطان"...

 أصعب المرض عدم معرفة المرض ، وأصعب منه عدم معرفة أنك مريض ، وأصعب  أن ترفض الاستماع إلى وصية الطبيب ، وهذه ثلاثتها تجتمع في أمراض القلوب ، فمرض القلب خفي قد لا يعرفه صاحبه ؛ لذلك يغفل عنه ، وأمراض القلوب هي سرطان الروح ، وخطورتها في أنها كالمرض الخبيث تتسلل إليك دون أن تشعر ، فلا ارتفاع حرارة ولا ضغط مرتفع ولا نزيف يؤلم أو جرح ينذر ، لذا يمرض فيها الطب ولا ينفع.

 قال لنا "ابن القيِّم "  بعد أن زرناه في عيادته الربانية :

" وقد يمرض القلب ويشتد مرضه ولا يعرف به صاحبه لاشتغاله وانصرافه عن معرفة صحته وأسبابها ، بل قد يموت وصاحبه لا يشعر بموته ، وعلامة ذلك أنه لا تؤلمه جراحات القبائح ولا يوجعه جهله بالحق ، فإن القلب إذا كان فيه حياة تألّم بورود القبيح عليه ، وتألّم بجهله بالحق بحسب حياته ، وما لجرح بميت إيلام " .


ومما يجعل مرض القلب أخطر من مرض البدن بكثير أن مرض القلب عذابه دائم بعد الموت لا ينقضي ؛ بعكس مرض البدن الذي يُتخَلَّص منه بالموت ، مما يجعل الاهتمام بأمراض القلوب أوجب والسعي في علاجها أدعى.


إن ما يصيب البدن من أسقام في هذه الحياة يؤجر عليه الإنسان ، أما ما يصيب القلب من أمراض فهو الإثم كله والهلاك كله في الحياة وبعد الممات ، إنك إذا دخلت معركة فقتلك العدو الظاهر وسلبك حياتك لمتّ شهيداً ، أما إذا غلبك العدو الباطن بأسلحة الشهوات والشبهات لمُتّ حينئذ طريداً ، وشتَّان عند الله ما بين شهيد وطريد ، شتَّان شتَّان ....

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

ما الذي تفتقده البشرية يا تُرى؟