الأربعاء، 23 يناير 2013

أهميَّة القلب ...9



9- " الانقلاب " ...



 

القلب هو أرق أعضاء الجسم وأسرعها تأثرا بما يحيط به ويغشاه ، ومن رقَّته أن تؤثِّر فيه أدنى خاطرة وأقل هاجس ، وأثر القليل عليه كثير ، فالآفات إليه أسرع ، وهو إلى الانفلات أدنى ، ومن الانقلاب أقرب .... فإن قلب المرء وإن صفا زمناً، وثبت على الإيمان فترة ، واستلذ بحلاوته حيناً ؛ فإنَّه مُعرَّضٌ للانتكاسة ، وهذه هي طبيعة القلب ومنها اشتُقَّ اسمه.

 قال القرطبي وهو يشرح معنى كلمة القلب :

 " وهو في الأصل مصدر قلبت الشيء أقلبه قلباً إذا رددته على بداءته ، وقلبت الإناء : رددته على وجهه ، ثم نُقِل هذا اللفظ فسُمِّي به هذا العضو ؛ لسرعة الخواطر إليه ولترددها عليه كما قيل :

 ((ما سُمِّي القلب إلا من تقلُّبه ... فاحذر على القلب من قلب وتحول )) " ...

 
قال النبي صلى الله عليه وسلم : « إنما سُمِّي القلب من تَقَلُّبِه ، إنما مثل القلب مثل ريشة بالفلاة تعلقت في أصل شجرة يُقلِّبها الريح ظهرا لبطن » ، وإن القلب شديد التقلب سريع التحول ، ويضرب النبي صلى الله عليه وسلم لذلك مثلا فيقول : « لقلب ابن آدم أسرع انقلابا من القدر إذا استجمعت غليانًا » .

 
إن بقاء قلب المؤمن على الدرجة الرفيعة من الإيمان التي يجدها بعد أعظم العبادات قدرًا ، وعقب أكثر المواسم خيرا وفضلا ؛ أمر مستحيل ؛ لشدة انشغال القلب بالدنيا وملذاتها ، وما يعتريه فيها من أفراح وأتراح ، بل وتعرّضها لغزوات الشيطان المتلاحقة ، وتلاعب اليهود بالعورات ، وعزفهم على وتر الأهواء ، ومع ذلك أريد أن أطمئنك وأُخوِّفك في الوقت ذاته ما دام تقليب القلوب بيد الله وحده.

 
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : « إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرِّفه حيث يشاء » ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اللهم مصرِّف القلوب صرِّف قلوبنا على طاعتك » .

 أخي .. لقد صليت اليوم خمس صلوات فأجبني صادقاً : كم مرة دعوت بهذا الدعاء؟! مع أنك أحوج إليه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والفتن اليوم أعم وأطغى ، والقلب أضعف وأوهن ، فاحرص على ما بينك وبين الله ، وصِل ما انقطع من حبالك معه حتى يثبِّتك على مرضاته اليوم ويهديك...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

ما الذي تفتقده البشرية يا تُرى؟