10-"أطبَّاؤه...مرضى!!"
وطب القلوب من
العلوم التي شحَّت في زماننا ، ونتج عنه المرض الذي عمَّ وانتشر حتى أصاب كثيراً من
علمائنا وحاملي دوائنا ؛ فحفظت أذهانهم الشروح والمتون ، ونسيت جوارحهم الهدى والمنون
، وقالت ألسنتهم أنهم عالمون ونطقت أفعالهم أنهم جاهلون.
وأكثر علماء زماننا
نوعان :
نوع منكبٌ على
حطام الدنيا لاهث وراءها ، لا يمل جمعها ، ويتقلب شهره ودهره في ملذَّاتها ، وقد أخذت
دنياه بمجامع قلبه ، ولزمه خوف الفقر وحب التكاثر ؛ وأكثر هؤلاء دُفِع إلى ذلك دفعاً
وأُريد له أن ينشغل بالسعي وراء لقمة العيش والكدِّ من أجل الرزق وأُعطوا في مقابل
ذلك الكفاف ؛ ليس غير الكفاف ، ليظلوا دوما غارقين في الإعصار ، دائرين في الرحى ،
لا يبلغون ما يأملون ، ولا يتركون السعي إلى ما يطمحون ، وبذلك نسوا أسمى مهامهم وأشرفها
وهي وراثة الأنبياء والقيام بوظيفة الرُّسل.
يا جاعل العلم له بازيا ... يصطاد أموال المساكين
احتلت للدنيا ولذاتها ... بحيلة تذهب بالدين
فصرت مجنونا بها بعد ما ... كنت دواءً للمجانين
أين رواياتك في سردها ... عن ابن عون وابن سيرين
أين رواياتك والقول في ... لزوم أبواب السلاطين
إن قلت أُكرهتُ فماذا كذا ... زلَّ حمار العلم في الطين
وإن كان لموت القلب
علامات تختلف من شخص إلى آخر ومن مهنة إلى أخرى ؛ فإن أبرز علامات موت قلب العلماء
وأشهرها هي ما عرفناه من مالك بن دينار [ ت : 130 ] الذي قال : " سألتُ الحسن
: ما عقوبة العالم؟ قال : موت القلب. قلت : وما موت القلب؟ قال : طلب الدنيا
بعمل الآخرة " .
وسمَّاهم "ربيعة
الرأي" بالسفلة وسفلة السفلة ، فقد روى "مالك بن أنس" :
" قال لي أستاذي ربيعة الرأي : يا مالك! من السفلة؟ قلت : من أكل بدينه ، فقال
: فمن سفلة السفلة؟ قال : من أصلح دنيا غيره بفساد دينه " .
وله صاموا وصلوا * وله حجوا وزاروا
لو بدا فوق الثريا * ولهم ريش لطاروا
مِثل السفينة إن هوت في لجة ** تغرقْ ويغرقُ كل من
فيها معا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق